آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كوكب الشرق، سيدة الغناء العربي الخالدة

 

أم كلثوم، الاسم الذي يرادف العظمة في عالم الغناء العربي، ليست مجرد مطربة، بل هي ظاهرة ثقافية ووطنية وفنية عابرة للأجيال. اسمها الحقيقي فاطمة إبراهيم السيد البلتاجي، وقد وُلدت حوالي عام 1898 في قرية طماي الزهايرة بمحافظة الدقهلية في مصر. رحلتها من فتاة ريفية تنشد الموشحات الدينية في الموالد إلى "كوكب الشرق" الذي يضيء سماء الغناء العربي هي قصة إصرار، موهبة فذة، وتفرد لا يضاهى.

النشأة والصعود: من الموالد إلى القاهرة

​بدأت موهبة أم كلثوم بالظهور في سن مبكرة جدًا. لاحظ والدها الشيخ إبراهيم البلتاجي، وهو إمام مسجد، صوتها القوي والمميز. في البداية، كانت ترتدي زي الصبيان لتتمكن من الغناء في الموالد والاحتفالات الدينية دون إثارة الجدل المجتمعي حول غناء الفتيات. كانت تؤدي التواشيح الدينية والأناشيد، وسرعان ما اشتهرت بصوتها العذب وقدرتها على إتقان المقامات الصوفية.

​في أوائل العشرينات من القرن الماضي، انتقلت أم كلثوم إلى القاهرة بدعوة من شخصيات فنية وأدبية مثل الشيخ أبو العلا محمد والشاعر أحمد رامي، الذي أصبح رفيق دربها الفني لأكثر من أربعين عامًا. 

أدركت أم كلثوم أن عليها تطوير نفسها لمواكبة المشهد الفني المتنامي في العاصمة. بدأت تتعلم العزف على العود، وتثقف نفسها بالاطلاع على الأدب والشعر، وتستمع إلى عمالقة الغناء لتوسيع مداركها الفنية.

الأسلوب الكرواني: "الطرب" بأسمى معانيه

تميزت أم كلثوم بأسلوب غنائي فريد يُعرف باسم "الأسلوب الكرواني"، نسبةً إلى صوتها الذي كان يُشبه الكروان. كانت تمتلك صوتًا قويًا، دافئًا، وذا مدى واسع، قادرًا على الانتقال بسلاسة بين المقامات المختلفة. لكن ما ميزها حقًا هو قدرتها على "التطريب" – وهو فن إثارة الشجن والشعور العميق لدى المستمع من خلال الأداء الصوتي المؤثر.

كانت أم كلثوم تجيد فن الارتجال، حيث كانت تعيد مقاطع معينة من الأغنية عدة مرات، في كل مرة بأسلوب مختلف، وتزيين جديد، ومقام فرعي يلامس الروح، مما يجعل الجمهور يتفاعل معها بشكل لم يسبق له مثيل، مرددًا كلمات الإعجاب مثل "الله"، "عظمة"، و"آه يا ست".

التعاونات الفنية الخالدة:

​شكلت أم كلثوم فرق عمل فنية أسطورية. كان الشاعر أحمد رامي هو رفيق دربها الأهم، حيث كتب لها أكثر من 130 أغنية، منها "جددت حبك ليه" و"رباعيات الخيام". أما الملحنون، فكان لهم دور كبير في صنع نجاحاتها:

  • محمد القصبجي: الذي أدخل التجديد على ألحانها في بداياتها.
  • رياض السنباطي: الذي قدم لها روائع خالدة مثل "الأطلال"، "رباعيات الخيام"، و"عودت عيني"، وتميزت ألحانه بالعمق والروح الشرقية الأصيلة.
  • محمد عبد الوهاب: بعد سنوات من المنافسة الفنية، تعاونا في الستينيات في سلسلة من الأغاني التي لا تُنسى مثل "أنت عمري"، "الأطلال"، "فكروني"، و"يا مسهرني"، والتي دمجت بين الأصالة والمعاصرة.
  • بليغ حمدي: أدخل على أغانيها لمسة شبابية وعصرية مميزة في السبعينات، وقدم لها أغاني مثل "حب إيه" و"بعيد عنك".

أم كلثوم أيقونة وطنية واجتماعية:

​لم تكن أم كلثوم فنانة فحسب، بل كانت جزءًا من النسيج الاجتماعي والسياسي في مصر والعالم العربي. عُرفت بحفلاتها الخيرية العديدة لدعم المجهود الحربي بعد هزيمة 1967، حيث جابت العديد من الدول العربية والأوروبية، وجمعت تبرعات هائلة، مما أكسبها احترامًا ومحبة لا حدود لها. 








عن الكاتب

mo7sen1535

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

مختصر وأحترافي